الخميس، 17 مارس 2022

كتبت : حنان أبو بكر محمود

كنت أعود من مدرستي ممزق الملابس ومشوه الوجه أنزف الدماء من كل مكان تقريباً بجسدي، كانت والدتي تستقبلني بصدمة ولهفة وتضمد جروحي فأرتمي بأحضانها وأبكي ، ولكن بعد مرور فترة أصبحت معتادة على ذلك فلم تعد تنتبه لي حتى عند عودتي، فقط تصدر أوامرها بأن اذهب للاستحمام وأقوم بغسل ملابسي المتسخة حتى تقوم هي بحياكتها ثم أضمد جروحي وأجلس معها نتناول الطعام في صمت، كانت مدرستي كالجحيم بالنسبة لي، أذهب إليها كي أعود حالتي يرثي لها، وكالعادة لم تعد والدتي تهتم بذلك، فقط تقول لي إعتمد على نفسك! ، أضرب من يضربك انت لست فتاه! ، قم بالدفاع عن نفسك! ، لا تكن ضعيف وتأتي لترتمي بأحضاني تبكي كالفتيات! ، لن اقوم بمواساتك مجدداً! ، لما علي أن أرعي ولد ضعيف مثلك! ، من ضمن جميع الأمهات يرزقني الله بذلك الولد الضعيف!، كانت تلك الجمل تخترق قلبي كالخناجر بدون رحمة! ،لما تقسو علىَّ هكذا؟!، لما تلقبني بالفتاه؟!، وما بها الفتاه؟ ألسنا جميعنا بشر؟!، أليس من حقي البكاء وإيجاد من يحتضنني؟! كيف لها أن تفعل ذلك بي وهي ملجأي الوحيد ؟! إستمر ذلك حتى أصبحت في الخامسة والعشرون الآن، لم أعد آتي ملطخ بالدماء أو ممزق الملابس كالسابق، فأنا لست ذلك الطفل الضعيف الذي يقومون بضربه وأخذ طعامه بالمدرسة ولا يقوي على الدفاع عن نفسه، لست تلك الفتاه كما تلقبني امي! ،بل أصبح جسدي صلب قادر على حمايتي، ولكن مازال الوضع كما هو عليه مع أمي، لا تهتم!، لا أعلم ماذا حدث لها ولما لم تعد تهتم بي أو تسأل عن أحوالي هي لا ترد على حديثي حتى، كانت فقط منذ فترة قصيرة تصيح بي بأنني فقدت عقلي! ،كانت تقول أنها تسمعني بغرفتي أحدث نفسي في حوار كامل!، هل تتهمني بالجنون الآن؟! هي من أهملتني بالأساس لم أكن أريد سوي حضنها الذي كان يشعرني بالأمان، أردت فقط أن تقول لي "اطمئن انا معك لن يؤذيك أحد مجدداً" لما لم تعد تقولها؟!، لما لم تعد تهتم بي، ما الذي إقترفته حتى تفعل هذا أنا لا أستحق ذلك الجفاء!، كنت أصيح هكذا بوجه الطبيب الذي يجلس أمامي الآن ينظر لي بأسي، ثم أخبرني قبل أن يذهب بأنني هنا من الأساس لأنني قمت بقتل والدتي!! الكاتبة/ حنان أبو بكر محمود المحافظة / القليوبية

كتبت : حنان أبو بكر محمود

منذ ذلك اليوم الذي عملت به في تلك المشفى وانقلبت حياتي رأساً على عقب، لست بطبيب أو ممرض ولكني فقط شاب ثلاثيني لم تفيدني شهادتي الدراسية بشيئ فإتجهت للعمل الحر الذي رضيت بالقليل منه، وما كان سوي حارس على تلك البوابة في المشفى، سأسميها فقط البوابة لأنني مازلت أجهل ما خلفها في تلك الغرفة! ،يذهب الجميع ليلاً وابقى أنا هنا، كنت أتناوب مع زميل آخر منذ شهر ولكن بعد وفاته أصبحت أنا أعمل مكانه بضعف الأجر، لا يهمني كمّ المشقة والإجهاد طوال اليوم مادام أجرى قد إزداد وأصبح يكفيني أنا وزوجتي، لم يرزقنا الله بأطفال حتى الآن وهذا لطف منه حتى يتعدل الحال، كان مدير المشفى يشفق على حالي خصوصاً بأن الكثير مايقولون شائعات حول تلك الغرفة وأصبح لا يتقدم أحد للعمل بها، ولكني لا أبالي أنا فقط أركض وراء لقمة العيش،أنا هنا أعمل فقط بدون أي ثرثرة حتى أنني لم أخبرهم برؤيتي لصديقي بعد وفاته على مدار ذلك الشهر ولكني لم أحدثه ولو مرة واحدة! ولكنه يبقى معي طوال اليوم ليس فقط في وقت مناوبته، أراه يومياً على نفس الحالة عندما كان يعمل هنا ولكني أتجاهله حتى لا يتهمني البعض بالجنون، خاصةً لأنني علمت بأن تلك الغرفة ما هي إلا مشرحة قديمة في تلك المشفى! يريدون تجديدها ولكن لا أعلم سبب إغلاقها من الأساس ولست مهتم على أي حال، أنشغل دائماً في عملي حتى لا ألفت الإنتباه، أنتظر ميعاد الغداء الذي تأتي فيه زوجتي يومياً ومعها حقيبة محملة بأشهي الأطعمة حتى أتغذي كما تقول، ولكن يبدو عليها الحزن منذ شهر تقريباً، أعلم بأنني مُقصر معها، فزوجتي مثالية بحق!، أخشى أحياناً بأنني لا أستحقها، ولكنها دائماً ما تبتسم في وجهي وتربت على كتفي وهي تقول "انت تعمل ليل نهار من أجلي وهذا يكفيني، فقط استريح ولا تشغل بالك بشيئ مادمت معي"، يبدو أن لطافة وحنية العالم قد إجتمعت بقلبها من أجلي!، حسناً سأشتري لها ورد چوري اليوم كما تحبه وأُمحي ذلك الحزن من وجهها، ولكن مازلت أجهل لما تأتي بطعام يكفي المشفى بأكملها هكذا؟!، بل وبالفعل تقوم بالتوزيع عليهم جميعاً!، ولكن ما ادهشني حقاً هو إبتسامتها المجاملة بإنكسار لصديقي المتوفي وهي تعطيه نصيبه من الطعام!، وقد وقع علىَّ جملته كالصاعقة وهو يبتسم بحزن ويدعو لي بالرحمة والمغفرة!! الكاتبة/حنان أبو بكر محمود المحافظة/ القليوبية

الخميس، 3 مارس 2022

كتبت : حنان أبو بكر محمود

مازلت أجهل لما يكرهون صديقتي هكذا؟، لما يريدون منها الرحيل؟، انا لن أسمح لهم بأن يفرقونا، إنها ملاذي الآمن من تلك الحياه القاسية، ماذا تعرفون أنتم عن الأصدقاء؟!، هل أولئك الذين نعرفهم عن طريق مواقع التواصل الإجتماعي ولا يربطنا سوى محادثات إلكترونية؟، أم أولئك الذين يبتسمون بوجوهنا ثم يطعنونا بخنجر سام في ظهورنا؟، أم أولئك الذين نلتقط معهم الصور لكي نشاركها أيضاً على تلك المواقع كاتبين أسفلها "أفضل صديق"؟ ولكن مع أول موقف جاد لنا لا نجدهم بالأساس!، إنهم فقط متواجدين في تلك اللحظات السعيدة لا وجود لهم في وقت الشدة!، كيف تثقون بهم لكي تسمونهم أصدقاء، لقد إبتعدت عن جميع هؤلاء بعدما طعنت منهم جميعاً كأنهم أصروا على جعلي أكره العالم أجمع!، تجرعت كأس الخيبة والخذلان مزين ببعض من الكراهية والحقد والنفاق، كان حقاً مشروب لا مثيل له!، الآن بعد أن وجدت ملاذي الآمن يريدون إبعادها عني!، ليست كأي صديقة، إنها كل شيئ بالنسبة لي، هي فقط من أستطيع إطلاق عليها لقب أفضل صديقة، هي من تساندني دائماً تبقى معي أينما ذهبت، قضيت لحظاتي الممتعة السعيدة معها والتعيسة أيضاً، لم تكل ولم تمل مني أبداً، كانت معي في السراء والضراء، عشنا سوياً لسنوات يحاربنا الجميع لكي نبتعد عن بعضنا البعض!، كانت معي عندما قصصت عليها حكايات خذلاني، كانت معي عندما نبض قلبي أول مرة لشاب، كانت معي عندما أراد البعض أذيتي وكانت تحميني دائماً، كانت معي عندما إبتعد عني الجميع خوفاً مني، كانت معي عندما كنا نفتعل بعض المشاكل، أليست الصداقة هكذا؟!، صديقتك تبقى معكِ حتى عندما تفتعلون مصيبة سوياً، هذه لذة الصداقة على أي حال، لا تستحق كل تلك الجلبة التي تحدث لإبعادها عني، كل ما حدث هو جريمة قتل بسيطة لتلك الشمطاء التي كانت تتنمر علىَّ بالجامعة!، فقط أردنا أن تكون عبرة لمن يفعل ذلك معي مجدداً، هي فقط أقترحت تلك الخطة وأنا قمت بتنفيذها، ألهذا تكرهونها؟!، أم تكرهونها لأنني الوحيدة التي أراها فقط!، ولكن أعتقد أن ذلك العجوز الخرف أمامي يراها أيضاً!، فهو مازال يمسك برأسي و يتلو بعض آيات القرآن في تلك المسماه بجلسة طرد الجان!. الكاتبة/ حنان أبو بكر محمود المحافظة/ القليوبية

" كيف هي الحياة " للكاتبة جنى خليل

"ڪيف هي الحياة معك يا قارئي، أحزينٌ عابسٌ أم أنَّك مشرقٌ، للحياة مبتسم؟ هل تسري مياهك في مجاريها أم أنَّ التيارَ انجرف بك بعيدًا عن مجر...