ورد .. ورد .. حبيبتي قومي مش بتردي عليا ليه؟! يا ورد .. ورد.
تقف في إحدى زوايا الغرفة، ترى نفسها جامدة، متخشبة، لا تدري ما الذى طرأ عليها فجأة! الجميع يُهاتف بإسمها؛ تود أن تركض إلى أحضانهم، تود أن تشعر بأيديهم وهي تلامس وجنتيها، لا تشعر بشيء من هذا؛ اقتربت إليهم، وظلّت محدقة النظر تجاههم، تخللت إلى فتات عقلها الحيرة؛ وتملكتها الدهشة وارتسمت على ملامحها، حملت نفسها، واخترقت الجدار الفاصل الذى يُخبيء خلفه عقولهم، تعجبت مما رأته بداخلهم، سوادٌ ملبسهم، لا تدري لماذا كل هذا السواد الذي اكتست به غرفتها، قد تخطت جدارًا ما، ورأت ذاتها ملفوفة في أقمشة ناصع بياضها، لقد استمعت إلى شهيق قلبها ولم تفهمه، شعرت أنه يبكي وبشدة، أصابها الفزع مما تراه، حملها الفضول بين أجنحته راكضًا إلى من كان ملفوفًا بالبياض هذا، إنه أنا! ماذا يحدث؟ لا بدّ وأن تكون شبيهة لى! اقتربت منها رويدًا، وحملقت فى ملامح وجهها، تحسست وجهها، ويداها أصابها داء الرعاش، تتحسس وكأن أنامل أصابعها تخترقها، شعرت بهزة أصابت جسدها، رأت نفسها وهى تُحمل على ألواح من الخشب القديم، لم تستطع ردعهم عما بادروا فيه، بدأ الرعب يتخلل إلى جسدها البالي، لقد شعرت بدمار قلبها، لقد خارت قواه، لم يعد لديها إلا صوتٌ ينادي ويطلب النجاة! تصرخ بكل ما تستطيع أن تبوح به من نبرة صوتها، لم تشعر بنفسها إلا وعندما وضعت فى حفرة ضيقة للغاية؛ أستكون هذه نهايتى!؟ بدأت تلملم ما بها من بقايا قدراتها، لقد مرت على الجميع تحدثهم، لم يجب عليها أحد! تصرخ في وجوههم إلى أن انهارت، سقطت على الأرض، ولم يكن سقوطها عاديًا! وجدت نفسها ملقاة والتراب يُهال من فوقها، صعدت ورد إلى أعالي السماء، ويداها مازالت معلقة، تريد لو أن تتشبث بخيط النجاة الدقيق للغاية! بدأت تصعد لأعلى، ورأت الجميع يرحل من حولها، لم يتبقى سوى والدتها تذرف دموعًا غالية على فراق فلذة كبدها، قد بدأت الدماء تأخذ مجرى سريانها داخل جسدها البالى، انتفضت وكأن روحها أعيدت لها بعد موتتها المؤقته التى أخذتها إلى أرض لم تطأ إليها من قبل، لم تشعر ورد بنفسها إلا وهي ترفع رأس والدتها وتجفف وجنتيها: مازلتُ بخيرٍ يا أمي! فلماذا بحر الدموع هذا الذى فاض من مقلتيك؟ نظرت إليها من بين سحابة الدموع العالقة فى جفنيها، أعلم يا غاليتي أنك بخير ولكن إلى متى؟!...
بِقلم/ سومية أشرف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
دمتم بخير